1. اسمه ونسبه:
هو عبد الله بن ياسين بن مكوك بن سير بن علي الجزولي أصله من قرية “تمامانات” في طرف صحراء غانة(دولة المرابطين، ص: 21 نقلا عن البكري المغرب، ص (165).
2. تعليمه:
درس على فقه السوس وجاج بن زلوا، ثم رحل إلى الاندلس في عهد ملوك الطوائف وأقام بها سبع سنين (ابن الخطيب/ الخلل ص 191)، واجتهد في تحيل العلوم الإسلامية ثم أصبح من خيرة طلاب الفقيه وجاج بن زلوا.
كان رحمه الله فقيها، عالما، تقيا مربيا فاضلا، عارفا بتقاليد قومه وأعرافهم وبيئتهم وأحوالهم، ودخل عبد الله بن ياسين مع يحيى بن إبراهيم رهما الله إلى قبيلة الملثمين من قبيلة جدالة في عام 430ه /1038مفاستقبله أهلها واستمعوا له وأخذ يعلمهم، تعاليم الإسلام الذي وجدهم لا يعرفون إلا اسمه، وانحرفوا عن معالم العقيدة الصحيحة وتلوثت أخلاقهم واحكام دينهم.
إلا ان تعاليمه للناس اصطدمت بمصالح الامراء والأشراف، فثاروا عليه، وكادوا ان ينهوا حياته، إلا أنه ترك قبيلة جدالة، وانتقل إلى قبيلة لمتونة، ومن ثم اختار رباطه المشهور على مصب نهر السنغال.
3. صفاته:
- الذكاء: كان رحمه الله عميق الفهم صاحب حجة، ويقيم الدليل على خصومه من الفقهاء.
- الشجاعة: امتز بشجاعة وصلابة عظيمة في دعوته وامره بالمعروف ونهيه عن المنكر وفي جهاده.
- كان رحمه شجاعاً عظيم الاحتمال ومارس أفضل الشجاعة، ألا وهي قول الحقيقة وكتمان السر.
- وكم نحن في زماننا محتاجون إلى شجاعة الدعاة إلى الله أمثال الفقيه عبد الله بن ياسين رحمه الله لندك بها الباطل، ونزيل بها المنكرات الظاهرة، وندمغ الشبهات الخادعة بالنورين كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- المهابة: كان رحمه الله مهيبا قوياً عند أعدائه قبل أنصاره، حيث خاض العديد من الحروب بنفسه ويتقدم جيشه في ميدان الجهاد.
- جمع عبد الله بن ياسين رحمه من القوة الفكرية أنواع متعددة من قوة الإدراك، وقوة الصبر، وقوة العلم، وقوة التلقي، وغيرها من القوى.
- الأمانة: تميز رحمه الله بالأمانة في القول والفعل، فرغم أنه أصبح الآمر والناهي في قبائل الملثمين، لم يغره ذلك في دينه او ان ينافس زعيم القبيلة مصطحبه الأمير يحيى بن إبراهيم في منصبه، بل نجده لم يتجاوز حدوده ولم يتدخل في الأمير يحيى. وبذلك عظم شأنه في نظر أتباعه وفي تاريخ المسلمين ، لأنه كان رحمه الله أميناً في نفسه ومع إخوته، وحمل أمانة الإسلام، وبذل كل ما في وسعه لنشر دين الله وتحكيم شرعه في هذه الأرض.
ومن صفاته رحمه الله نجد الحياء والحلم والجاذبية الفطرية، الصدق، الإرادة القوية…. وغيرها
لقد استطاع رحمه الله أن يملك قلوب من جالسوه وسمعوا حديثه من أمثال يحيى بن إبراهيم، ويحيى بن عمر، وأبي بكر بن عمر، وغيرهم من قادة الصنهاجيين وشيوخهم، ولا شك أن ما ذكر من الصفات المهمة في شخصية الداعية هي من العطايا العظيمة التي يهبها الله لفئة من عباده الذين أخلصوا القول والعمل.
بدأ دعوته في رباطه بالقرب من نهر السنغال، فكان رحمه الله ينتقي أطهر الملثمين نفسا وأوفرهم قوة وأقدرهم على تحمل المشاق.
4. مراحل نضاله رحمه الله:
مرحلة التعريف والتكوين والتنفيذ: هذه المرحلة هي التي عاصرها وأشرف عليها في رباطه رحمه الله
قام رحمه الله بتعريف الناس بالعقيدة الإسلامية الصحيحة على أصول أهل السنة والجماعة وعمل على تنقيتها من الملوثات الشركية والوثنية التي خالطة عقائد الملثمين.
واهتم بتعليم الناس الصلاة والزكاة واحكام الصيام حيث وجدهم لا يعرفون من الإسلام سوى اسمه وحارب العادات الشيئة التي انتشرت بين الملثمين أمثال الزنى والزواج بأكثر من أربعة وغيرها.
وكان رحمه الله يشعر في قرارة نفسه بالإثم والمعصية إن قعد وكتم ما علمه الله سبحانه وتعالى،
إلا ان الله ابتلاه بقوم غلاظ قساة القلوب فاصطدمت دعوته بأطماع قادة القبائل، فتعرض للتضييق والتعسف من بعض وجهاء قبائل صنهاجة وحاولوا اغتياله إلا ان الله نجاه منهم.
فاشار عليه الأمير المخلص والتلميذ الوفي يحيى بن إبراهيم على ابن ياسين رحمهما الله جميعا أن يذهب إلى جزيرة في حوض السنغال ليتربى الأتباع فيها ابتغاء مرضاة الله والدار الآخرة.
بدأت دعوته في الرباط سنة 433ه/1040م ومعه أتباعه المخلصين ثم بدأ الانضمام إلى جماعته حتى بلغ العدد 1000 رجل وهنا بدأت تتكون النواة الأولى للإمبراطورية المرابطية التي بلغت الأندلس.
فبعد أن قطع ابن ياسين بأصحابه واتباعه رحمهم الله جميعا مرحلة التكوين العقدي والفقهي، بدأ بإرسال البعوث إلى القبائل لترغيب الناس في الإسلام.
ثم امر أتباعه وتلاميذه أن يذهب كل منهم إلى قبيلته أو عشيرته يدعوهم إلى العمل بأحكما الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فلما لم يجدوا استجابة من أقوامهم خرج إليهم بنفسه رحمه الله، فجمع أشياخ القبائل، ووعظهم وحذرهم عقاب الله، فلم يزدادوا إلا فسقاً فلما يئس منهم أعلن الجهاد عليهم.
5. المعارك التي خاضها الفقيه عبد الله بن ياسين رحمه الله:
بعد رفضهم دعوته رحمه الله تحرك مع أتباعه اولاً صوب قبيلة جدالة، اشتبكوا معهم في معركة شرسة وأوقعوا بهم الهزيمة، ثم سار ابن ياسين إلى قبيلة لمتونة فقاتلهم وانتصر عليهم، ودخلوا في طاعة ابن ياسين وبايعوه على إقامة الكتاب والسنة، ثم مضى إلى قبيلة مسوفة التي دخلت تحت لوائه وبايعوه على ما بايعته قبائل جدالة ولمتونة، فلما شهدت قبائل صنهاجة هذه الاحداث بادرت إلى مبايعة ابن ياسين دون الدخول في المواجهة العسكرية.
وأصبحت قبائل صنهاجة في المغرب الأقصى لها قيادة دينية وسياسية ومجالس شورى تدير دفتها وحركتها فتطلعت لتوحيد المغرب الأقصى كله وإزالة كل عائق يمنعها من تحكيم شرع الله.
وقد كان المرابطين قد اقترحوا على العالم المجاهد أن يبقى في دار الرياسة وهم يخرجون إلى الجهاد لحمايته رحمه الله. إلا أن الشيخ المجاهد عبد الله بن ياسين تناول سيفه ولبس وقـال للمرابطين من حوله: «إني لأرجوا أن يرزقني الله الشهادة، فإذا توفيت فـادفنوني في نفس المكان الذي أسقط فيه» وفعلا استشهد الشيخ البطل عبد الله بن ياسين في ميدان الجهاد، ودفن رحمه الله في مكان استشهاده كما أوصى.
المراجع:
- علي محمد الصلابي “تاريخ دولتي المرابطين والموحدين في الشمال الأفريقي”
- ابن أبي زرع، “كتاب روض القرطاس”
- حمدي عبد المنعم “تاريخ المغرب والاندلس”
- جهاد الترباني “مئة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ للكاتب”
2 تعليقات