التعليم

اللوغاريتمات: الأداة السرية لفهم الزلازل، الذرات، والبيانات

يواجه الكثير من الطلاب صعوبة في فهم مفهوم اللوغاريتمات، بالرغم من أنها مرتبطة بشكل أساسي بمفهوم يفهمونه جيدا وهو “الأسس” في الحقيقة فاللوغاريتمات ليس إلا عملية معاكسة للأسس. فإذا كان على سبيل المثال 3×3×3×3=81=34 والجواب يكون 81، وإذا قلت لك ما هو العدد الذي ينبغي رفعه كأوس لي 3 حتى يعطي 81، تكتب رياضيا ب  ولا تُعد اللوغاريتمات مجرد مفهوم رياضي مجرد، بل هي أداة لفهم الظواهر التي تتغير بشكل كبير سواء في الطبيعة أو في التكنولوجيا، مثل الزلازل والتحلل الإشعاعي داخل الدرات.

اللوغاريتمات ومقياس رختر للزلازل:

هو مقياس رختر الذي عادت ما تسمعه في نشرات الأخبار هو في الحقيقة قياس لقوة الزلازل لكن بمقياسً لوغاريتمي، فالقيمة التي نسمعها مثلا  وليس قياساً مباشراً للطاقة؛ بل هي الناتجة عن معادلة لوغاريتمية تعبر عن شدة الموجات الزلزلية تعريف المقياس هو تقريبيا ، A هي التي تمثل سعة الموجة الزلزالية المقاسة   هي التي تمثل قيمة مرجعية صغيرة جدا تؤخذ عادة. وفقاً للصيغة الرياضية، إذا زادت شدة الزلزال بمقدار درجة واحدة فقط على مقياس رختر، فإن سعة الموجة تزداد عشر مرات لأن القاعدة المستخدمة هي . وهنا تأتي الكارثة الأكبر، أن الطاقة تتناسب تقريبيا مع مربع السعة وبالتالي الطاقة المنطلقة من الزلزال تزداد بنحو31 ضعفاً لكل درجة إضافية تقريبا. كل هذا يمكن استنتاجه طبعا من خلال هذه الحسابات الموضحة على هذا الشكل من خلال مثال عدد، حقيقة زلزال بقوة 6 رختر يطلق طاقة مقدارها تقارب 1013، وزلزال بقوة 7 رختر يطلق قوة 3.1*1014 أي أكثر من 30 مرة أقوى بالرغم من أن الرقم ازداد بدرجة واحدة فقط، فالذي حصل هنا وركز على هذه الفكرة بشكل كبير

 يسمح اللوغاريتم بتمثيل زلازل صغيرة وكبيرة لكن على مقياس رقمي واحد قابل للمقارنة نقول 1 رختر، 2 رختر، و3رختر إلخ.

مقياس رختر لقياس درجة الزلازل

التطبيقات في الفيزياء النووية والبيولوجيا:

لدينا بعض العناصر المشعة تقوم بالتحلل مع مرور الزمن، يعني العنصر نفسه يحلل من تلقاء نفسه، ومن المعروف إذا أردنا أن نصف أي معادلة التحلل الاشعاعي فيمكننا من خلال استخدام الدوال الأسية ذات الأسس السالبة ، حتى يصبح لدينا ما يسمى في الرياضيات بالانهيار الأسي، هذا الانهيار ينطلق من نقطة معينة هي نقطة البداية عندما تكون    تمثل لنا الكمية المبدئية من المادة الموجودة وهي N0 وبالتالي يمكن أن نقول أن N0 عدد الدرات المبدئي، وكل عنصر يتحلل بمعدل مختلف عن العناصر الأخرى وهذا يؤدي بنا إلى تثبيت عنصر أخر داخل المعادلة وهو ثاب التحلل ⋋.

ولحساب “نصف العمر (الزمن اللازم ليتبقى نصف الكمية الأصلية من العنصر)، نستخدم اللوغاريتم الطبيعي  ومعروف أننا إذا أردنا حل معادلة أسية نقوم بإدخال اللوغاريتم عليها من خلال القاعدة التالية  ونحصل في النهاية على هذه الصيغة  التي لا يمكن ان تكتب إلا باستخدام اللوغاريتمات، وتستخدم هذه العلاقة اللوغاريتمية بشكل واسع في الكيمياء والفيزياء والبيولوجيا، خاصة في تحديد عمر الصخور والعظام باستخدام نظائر مثل الكربون 14,. بفضل اللوغاريتمات، يمكن تحويل الدوال الأسية المعقدة إلى علاقات خطية بسيطة وسهلة الفهم.

تاريخ اللوغاريتمات وأهميتها الحسابية:

ظهر مفهوم اللوغاريتمات في القرن السابع عشر على يد العالم الإسكتلندي جون نيبر بهدف تبسيط الحسابات الفلكية الطويلة، التي كان الفلكيون والعلماء يجرينها يدويا بدلا من ضرب او قسمة أعداد كبيرة كانوا يستخدمون جداول لوغاريتمية لتحويل الضرب إلى جمع، فقد مكنت الجداول اللوغاريتمية العلماء من تحويل عمليات الضرب والقسمة الصعبة إلى عمليات جمع وطرح بسيطة. فمثلاً، يمكن حساب ضرب أعداد ضخمة عن طريق جمع لوغاريتماتها ثم أخذ العكس اللوغاريتمي للناتج، مما وفر دقة وسرعة كبيرة مقارنة بالحساب اليدوي.

الخلاصة وتطبيقات أخرى:

الرابط الجوهري بين الزلازل والعناصر المشعة والحسابات الفلكية وحتى الحواسيب هو أن جميع هذه الظواهر تتغير أسياً (تضاعفياً أو تناقصياً) وليس بشكل خطي. يعني بطريقة أخرى ففي الزلازل الطاقة لا تزداد بمقدار ثابت، بل تضرب نفسها مع كل درجة، وفي التحلل الاشعاعي الذرات لا تنقص بعدد ثابت كل ثانية، بل بنسبة ثابتة من الكمية التي تبقت بالفعل، وكذلك نفس الأمر إذا كان لدينا تضاعف بكتيريا مثلا فهي لا تزداد بمعدل ثابت، بل تزداد بنسبة متناسبة مع كميتها الحالية من البكتيريا. وفي علم الحاسوب، عندما يتضاعف حجم البيانات، فإن الخطوات اللازمة للبحث او الترتيب تزداد بنسبة لوغاريتمية وليس خطية. إذن اللوغاريتم هو الأداة العكسية للدالة الأسية التي تحول الأنماط الأسية إلى خط مستقيم يسهل تحليله ومقارنته، وهذا هو سبب وجوده في كل علم يتعامل مع ظواهر واسعة النطاق، من الجيولوجيا إلى الفيزياء ومن الاقتصاد وعلوم الحاسب…

يمكن تشبيه اللوغاريتم بالعدسة المكبرة التي تسمح لنا برؤية الأشياء الصغيرة جداً (مثل الذرات) والأشياء الضخمة جداً (مثل طاقة الزلازل) في إطار صورة واحدة متناسقة يمكننا قراءتها بوضوح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *