اللباس التقليدي المغربي
يعتبر اللباس التقليدي المغربي رمزا للتقاليد والإبداع المغربي يتميز بجماليته وألوانه الزاهية التي حافظ عليها المغاربة منذ فجر التاريخ ويظهر ذلك في كل المناسبات الدينية والعائلية، ويحتل اللباس التقليدي المغربي شهرة واسعة في مختلف بلدان العالم، وهو جزء لا يتجزأ من التراث المغربي الأصيل الذي يعد أحد الركائز الأساسية للحضارة المغربية ورمز تميزها ورقيها التاريخي كما هو انعكاس للتعدد والتنوع الذي يبين غنى الثقافة المغربية الأصيلة.
1- تاريخ اللباس التقليدي المغربي:
يؤكد المؤرخون أن الزي التقليدي المغربي يعود إلى عصر المرينيين 1269م، وكان هذا الزي منتشر أيضا في الأندلس والحديث عنه يعود إلى الكاتب والمؤرخ البريطاني طوماس جيفيري من كِتاب بعنوان “علاقة الإمبراطورية المغربية حيث نرى وضع البلاد، والأعراف، والعادات، والحكومة، والدين والسياسة للسكان”، بقلم السيد أولونْ سفير ملكْ فرنسا في هذا البِلاط. مُزَيَّنْ بالصورْ ومنشورْ في باريس عام 1695عام.
ويعتبر “القفطان” المغربي مثلا من أقدم الألبسة التقليدية، إذ يعود ظهوره إلى العصر المريني، لكنه انتشر في الأندلس، حسب بعض الباحثين، بفضل موسيقي “زرياب” العراقي في بداية القرن التاسع، حينما انتقل إلى الأندلس.
عرف اللباس المغربي تحولا بطيئا مع بداية الحماية الفرنسية للمغرب سنة 1912، حيث بدأ المغاربة يتأثرون بلباس الأجانب الذين كانوا يقيمون في المغرب كما يشرح الباحث في التاريخ الاجتماعي محمد بوسلام ويضيف أن المغاربة أقبلوا على اللباس الأمريكي الذي دخل إلى المغرب سنة 1942، وهو تاريخ الإنزال الأمريكي بالمغرب، خاصة وأنه كان جاهزا ولم يكونوا في حاجة إلى الانتظار للحصول على الملابس. وبعد حصول المغرب على استقلاله، استمر الإقبال على اللباس الأجنبي، وأصبح اللباس التقليدي المغربي مقتصرا على الأعياد والمناسبات. المزيد من التفاصيل في هذا العدد.
أهم ما يميز اللباس التقليدي في المغرب عبر مراحله التاريخية هو التنوع الكبير الذي يستمده من الزخم والتنوعين الثقافي والجغرافي اللذان يميزان البلد برمته. فقد نهل الزي المغربي كما ثقافته على مد العصور من مختلف الثقافات التي مرت منه وخاصة تلك التي تعايشت فيه فالطابع الأمازيغي، العربي، الأندلسي، الصحراوي، الإسلامي وغيرها لها بصمتها على اللباس المغربي.
2- أنواع اللباس التقليدي المغربي:
تتميز كل مدينة أو جهة أو منطقة في المغرب بزيها التقليدي الخاص بها من الشمال إلى الجنوب ومن شرقه إلى غربه حيث يفتخر المغاربة بلباسهم التقليدي الأصيل ويعتزون به اعتزازاً حيث تتعدد أساليب الخياطة والابتكار وتتنوع أنماط الطرز والإبداع.
1-2- أنواع اللباس التقليدي المغربي للرجال
- جلابة مغربية:
هي عبارة عن لباس طويل يمتد حتى الكاحل ويتوفر على غطاء للرأس، لون الجلابة الصيفية غالبا أبيض أو مزيج بين خطوط بيضاء وصفراء أو غيرها، أما الشتوية والتي يعتمد في حياكتها على أثواب صوفية فألوانها غالبا غامقة. يلبس الرجال الجلابة في مناسبات مختلفة، أحيانا مع الطربوش المغربي الأحمر أو العمامة والخف الجلدي الأصفر المسمى ب “البلغة”, فبالإضافة إلى كونها لباس عرس بامتياز إذ يرتديها العريس المغربي ليلة الزفاف، يرتديها عامة الرجال أيضا عند خروجهم لأعمالهم أو للسوق أو للصلاة.
وتسمى أيضا الحاجب لأنها تحجب جسم الانسان وتتكون الجلباب المغربي من قطعتين أماميتين تسمى “الربوعة” تتواجدان في الامام بشكل متوازي وتتميز بخطوط متوازية ومتقابلة ولها نفس القياس والشكل أما الجزء الثالث الخلفي ويتكون من قطعة واحدة ، وهناك كذلك الأكمام المتطابقة وتتم خياطتها بشكل متوازي أما غطاء الرأس له دور مهم خاصة في الجلباب الشتوي يقي الرأس من البرد والشتاء بالإضافة إلى الشكل الجميل الذي يضفيه غطاء الرأس على الجلباب المغربي.
الجلباب المغربي فرض نفسه منذ التاريخ لأنه قبل تطور النسيج وآلات الخياطة العصرية كانت الجلباب التقليدي تصنع من صوف الأغنام ومن وبر الجمال وكانت أنواع خاصة بفصل الشتاء وخاصة بالمناسبات.
- الجابادور:
يتكون من قطعتين ويكون على شكل قميص قصير بدون غطاء الرأس يمتد حتى الركبتين وسروال فضفاض.
- القفطان: المنصورية
هو بمثابة جلابة بدون غطاء الرأس، ويفوقها أيضا من حيث جودة الأثواب وكثرة ورونق التطريزات الحريرية ما يجعله يرتدى غالبا في الأعراس والحفلات.
لباس المنصورية هو زي تقليدي مغربي مكون من قطعتين:
- السفلية أو الدفينة وهي عبارة عن قفطان من ثوب سميك.
- الفوقية وهي عبارة عن قفطان شفاف (المنصورية)
وسمي بهذا الاسم نسبة إلى السلطان المغربي أحمد المنصور الذهبي الذي يعتبر أول من لبسه وكان ذلك في القرن السادس عشر ميلادي. وانتشر لباس المنصورية بين المغربة، ولم يعد مقتصرا على الرجال فقط، وليبقى متداولا حتى عصرنا هذا، لتتباها به النساء المغربيات إلى جانب ألبسة تقليدية أخرى في الأفراح والمناسبات.
- الكندورة:
الكندورة لباس ذو اكمام قصيرة وتكون فضفاضة وقصيرة ويرتدي الرجال الكندورة غالبا في الصيف
- الدراعة:
هو ثوب أفريقي الاصل من عند رجال البيضان في موريتانيا والصحراء الغربية وهو عبارة عن ثوب فضفاض له فتحتان واسعتان على الجنبين، خيط من أسفل طرفيه وله جيب على الصدر، وهي عادة ما تكون بأحد اللونين الأبيض أو الأزرق، ويلبس تحت “الدراعة” سروال فضفاض يقارب الشكل الحالي للسراويل التقليدية بالشمال المغربي ويخاط من سبعة أمتار تقريبا، يتدلى حزامه إلى أن يلامس الأرض، ويسمى “لكشاط” ويصنع من الجلد الناعم به حلقة حديدية تسمى الحلكة، ويضع الصحراوي على رأسه اللثام الأسود، الذي يخضع لتفسيرات متباينة فمنهم من يعتقد بأنه يرمز للحياء، أو للوقاية من حرارة الشمس وقساوة البيئة. وفي بعض المناسبات قد يرادف الصحراوي دراعتان بيضاء وزرقاء في نفس الآن.
- البلغة:
البلغة هي النعل التقليدي الجلدي الذي يرافق في غالب الأحيان باقي الملابس التقليدية، يكون عالبا أحادي اللون (أبيض أو أصفر أو أسود ), تصميمه بسيط حيث أنه حتى ولو تم تطريزه فإن ذلك يكون بشكل خفيف. هو نوعان إما أن تكون مقدمته حادة أو محدودبة فيكون بذلك أمازيغيا.
- سروال قندريسة:
سروال قندريسة، وسبب التسمية هو انه لما جاء المستعمر وجد المغاربة يلبسون هدا النوع من السراويل الدي كان يسمى السروال ببساطة، فاعجب به مستعمر فرنسي اسمه اندري Andre و اراد ان يصنعه في مدينة فاس، فاقام شركة في فاس تصنع هدا النوع من السرواويل وكانت شركة مجهولة الاسم، فوضع على بابها لوحة كتب عليها Andre s a ، اسمه إضافة إلى حرفيين يعنيان شركة مجهولة الاسم Societé Anonyme فاصبح الناس يقرؤون الكلمة andresa و كان التجار من الدار البيضاء والمدن الاخرى حينما يزورون فاس لاقتناء السراويل يسمعون هذه الكلمة فيعتقدون ان اهل فاس ينطقون القاف همزة وان الكلمة الحقيقية هي “قندريسة”.
وتكتسي الجلباب والقفطان والجبادور هذه الألبسة أهمية خاصة عن الخياط التقليدي الذي لا زال يبدع في تصميمه ويكون الإقبال عليه في المناسبات والدينية والأفراح الخاصة كالأعراس.
2-2- أنواع اللباس التقليدي المغربي للنساء:
تقول الكاتبة اللبنانية باسمة كيال في كتابها “واللباس التقليدي للمرأة المغربية لا يساعدها على الحركات الخفيفة، إذ هو شبيه ببدلات النوم، ولكنه مع ذلك مريح وجميل، وهو يقوم على ثلاثة أقمشة عادة: القميص الذي يباشر الجسد، والقباء الذي يعرف باسم القفطان ثم المنصورية وهي ثوب خفيف شفاف يجعل فوق القفطان، منسوب إلى السلطان المنصور أحمد الذهبي الذي كان يمتد سلطانه إلى صميم أفريقيا السوداء. وتختلف الثلاثة من حيث القيمة تبعاً.
- الجلابة (الجلباب):
هي عبارة عن لباس طويل يمتد حتى الكاحل ويتوفر على غطاء للرأس وتختلف جلابة النساء عن جلابة الرجال بطريقة تطريزها وألوانها، وكانت النساء في الغالب لا يتأنقن كثيرٍا في الجلابة باعتبار أنهن يرتدينها فوق لباسهن للخروج وينزعنها بمجرد الوصول إلى مكان الحفل.
- القفطان:
يصنع من الأثواب الرفيعة، ويمتد حتى الكاحل، ويتخذ شكل جلابة ذات كمين من غير غطاء رأس ولا طوق مفتوح من الأمام إما على طوله أو إلى منطقة الحزام، ويتم تطريزه بالخيوط الذهبية أو الفضية أو بهما معا، وهو إلى اليوم لباس الحفلات لا ينازعه في المكانة أي زي آخر.
- التكشيطة:
التكشيطة هي لباس تقليدي طويل مكون من قطعتين تلبسه المرأة المغربية وخاصة في الأعراس والأفراح وتتميز أزياء التكشيطة بنوعية الأقمشة الفاخرة التي تستخدم في صناعتها، وألوانها الجريئة والمتناغمة، إضافة إلى التطريز بشكل كثيف أحيانا، والتصميم الذي يراعي عنصر الاحتشام، من دون أن يؤثر في الجمال العام للزي، بل قد يضفي في كثير من الأحيان نوعا من الوقار والتألق.
- المضمة:
هي عبارة عن حزام ضمن اللباس التقليدي المغربي، حيث يلف حول الخصر ويعطي القفطان المغربي شكله ويزيد من جمالياته. أضحت المضمة ميزة ينفرد بها هذا الزي المغربي سواء قفطان أو تكشيطة. فمن دون المضمة، لا تكتمل أناقتهما.
غالبا ما تكون المضمة مصنوعة من الحرير أو من أحد المعادن الثمينة كالذهب، الفضة أو ناذرا من النحاس، كما أن المضمة أحيانا تكون مزينة بالأحجار الكريمة كالياقوت، الزمرد واللؤلؤ.
- الملحفة:
هي عبارة عن ثوب طوله أربعة أمتار وعرضه لا يتجاوز المتر الواحد والستين سنتيمتر تلبسه المرأة الصحراوية أينما حلت وارتحلت. لكن ليست كل الملاحف متشابهة، ذلك أن المرأة الصحراوية تميز بين ملحفة المناسبات والملحفة التي تلبس يوميا بالخيمة وبدون مناسبة، كما أن المرأة الصحراوية تميز بين ملحفة المرأة الشابة وملحفة المرأة كبيرة السن في قديم الزمان كان للفتيات الصحراويات لباسا شبيها بالدراعة وهو يتكون من قطعتين بلونين مختلفين، أزرق وأسود، مع “ظفيرة” واحدة، وعن بلوغها سن الرشد تلبس الشابة الصحراوية الملحفة إلى حين زواجها.
وعموما لم يحدث تغيير كبير على طريقة لباس الملحفة، وتنحصر التغييرات على نوع الثوب الذي تصنع منه الملحفة، كما أدخلت عليها تطورات تساير الركب الحضاري الذي عرفته المرأة المغربية.
- الشربيل
الشربيل هو النعل التقليدي النسائي المقابل للبلغة الرجالية، إلا أنه يختلف عنها في الألوان والتطريزات، حيث أنه أكثر زخرفة ورونقا حتى يتلاءم مع باقي الألبسة النسائية.
المراجع:
- كتاب “النفح الطيب من غصن الأندلس الطيب” من تأليف المؤرخ أحمد المقري التلمساني المجلد 7 ص 79
- كتاب “تكملة المعاجم العربية” من تأليف المؤرخ الهولندي رينهارت دوزي عام 1881 جزء 10 ص 235، نقله إلى العربية وعلق عليه جمال الخياط.
- كتاب التراجم “الأعلام من تأليف العلامة السوري خير الدين الزركلي مجلد 1 ص 236.
- كتاب “تطور المرأة عبر التاريخ” من تأليف الدكتورة اللبنانية باسمة كيال.