مصطفى صادق الرافعي معجزة الأدب العربي

مولده ونشأته:
ولد مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي العمري (1298-1356 ه / 1880-1937م)، بمحافظة القليوبية في مصر، وهو أديب مصري من أصل سوري (والديه من أصول سورية)، شاعر وأديب ومفكر، ينتمي إلى مدرسة المحافظين، وهي مدرسة شعرية تابعة للشعر الكلاسيكي، ولقب بـ “معجزة الأدب العربي” و “نابغة الأدب”. كان والده الشيخ عبد الرازق الرافعي الذي تولى منصب القضاء الشرعي في كثير من محافظة مصر وكان آخر عمل له هو رئاسة محكمة طنطا الشرعية. أما والدته كان أبوها الشيخ الطوخي تاجراً تسير قوافله بالتجارة بين مصر والشام وأصله من حلب وكانت إقامته في بهتيم من قرى محافظة القليوبية.
لم ينل مصطفى صادق الرافعي من التعليم الرسمي أكثر من الشهادة الابتدائية مثله مثل العقاد في تعليمه، فكلاهما لم يحصل على غير الشهادة الابتدائية.
أتم حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة (العاشرة)، ويعتبر الرافعي أحد أقوى أمثلة من رحم المعاناة يولد الإبداع، فمن مرض التيفوئيد الذي أجبره وهو في طفولته على ترك دراسته بعد إتمامه مرحلة ” الابتدائية ” فقط، إلى تمكن المرض منه حتى أفقده حاسة سمعه وهو في شبابه، إلى رحيله عن الدنيا باكراً قبل كل أدباء عصره وهو القائل:
“إذا لم تزد شيئاً على الدنيا كنت أنت زائد عليها”
صفاته:
من ملامح أدب وشخصية الرافعي إنه إسلامي الهوى، شديد الاعتزاز بدينه، كثير الاستدلال بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، كما كان يستخدم مفردات القرآن والحديث.
وظيفته
عمل موظفا إداريا بمحكمة مدينة طلحا المصرية كاتباً ومقدرا مالياً لرسوم القضايا والعقود.
قالوا عن الرافعي:
قيل عن مصطفى صادق الرافعي تنبأ له وهو في بدايته الزعيم الوطني المصري “ مصطفى كامل ” فقال عنه:
“سيأتي يوماً إذا ذكر فيه الرافعي قال الناس هو الحكمة العالية مصوغة في أجمل قالب، ومما يثير الاستغراب إعطاء طه حسين لقب “عميد الأدب العربي” على الرغم من أن الرافعي يتفوق عليه في كل النواحي اللغوية، والأدبية، والفكرية… ولم يحرم الرافعي من هذا اللقب إلا للنزعة الدينية لكن إن كان لقب عميد الأدب العربي أعطي لطه حسين… فالرافعي كما أطلق عليه المنصفون لقب “معجزة الأدب العربي” وهو جديرا به.
قال أيضا “أحمد زكي باشا” عن الرافعي:
“إن كان للإنجليز وليام شكسبير، وللألمان يوهان غوته، وللفرنسيين فيكتور هوغو، فإن للعرب مصطفى صادق الرافعي”.
مؤلفاته
له العديد من المؤلفات التي تعد من كلاسيكيات الأدب العرب، منها: “وحي القلم” و”تحت راية القرآن”، و”ديوان النظرات”، و”الجمال البائس” و “السحاب الأحمر” و “السمو الروحي الأعظم والجمال الفني في البلاغة النبوية”، و “المساكين”، و “تاريخ آدب العرب” و “حديث القمر” و “حسام الدين الأندلسي” و “الحياة الرافعي” و “رسائل الأحزان- في فلسفة الجمال والحب” و “على السفود” و “عروس تزف إلى قبرها” و “كلمة وكليمة”، و “أوراق الورد”، و “إعجاز القرآن والبلاغة النبوية”.
- ديوان الرافعي: (ثلاثة أجزاء). نُشرت الطبعة الأولى بين عامي 1903 1906. وقدم كل جزء مقدمة في معنى الشعر، تعكس مذهبه ومنهجه. ويليه شرح منسوب إلى أخيه محمد كامل الرافعي، مع أنه من تأليفه.
- ديوان النظرات: (شعر). نُشرت الطبعة الأولى عام 1908م.
- ملكة الإنشاء: كتاب مدرسي يتضمن نماذج أدبية من مؤلفاته. أعد معظم المواضيع وأعدها للنشر عام 1907م، ونشر بعض النماذج في ديوان النظرات. إلا أن الظروف حالت دون تطبيق فكرته، فأهملها. فُقدت النسخ الأصلية، ولم يبقَ سوى النماذج المنشورة في ديوان النظرات.
- تاريخ الأدب العربي: (ثلاثة أجزاء). نُشرت الطبعة الأولى في جزأين عام 1329 هـ (1911 م). صدر المجلد الثالث بعد وفاته، وحققه محمد سعيد العريان، عام 1359 هـ (1940 م). ويعتبره معظم المؤلفين العمل الوحيد المعروف للرافعي.
- إعجاز القرآن والبلاغة النبوية: (وهو المجلد الثاني من كتابه “تاريخ الأدب العربي”). وقد صدرت طبعته الأولى بعنوان “إعجاز القرآن والبلاغة النبوية” عام 1928 م.
- حديث القمر: أول أعمال الرافعي في مجال التأليف الأدبي. وهو أسلوب رمزي للحب تغلب عليه الحيل. أبدعه بعد رحلته إلى لبنان عام 1912م، حيث التقى بالكاتبة ماري يني، وبدأت علاقتهما.
- المساكن: أبيات في معانٍ إنسانية معينة مستوحاة من بعض آثار الحرب الكبرى في مصر. صدرت طبعته الأولى عام 1917 م.
- نشيد سعد باشا زغلول: كتيب صغير عن نشيده (أسلمي يا مصر)، أهداه لسعد زغلول عام 1923م. طُبع في المكتبة السلفية بالقاهرة؛ معظم مقالات الكتاب من تأليف الرافعي أو أملاها.
- النشيد الوطني المصري: (إلى العلا…). لحّنه منصور عوض. رسائل الأحزان: كتاب ألّفه عام 1924م، يستذكر فيه أحداثًا بينه وبين فلانة، على شكل رسائل يدّعي أنها من صديق أودعها لديه.
- السحابة الحمراء: الجزء الثاني من قصة حب فلانة، أو المرحلة الثانية من رحلتها بعد الفراق. نُشر بعد أشهر قليلة من رسائل الأحزان.
- تحت راية القرآن: مقالات عن الأدب العربي في الجامعة، وردّ على ديوان شعر جاهليّ لطه حسين. نُشر سنة 1926م.
- “على السفود”: رد على عباس محمود العقاد، نشرته مجلة “العصور” برئاسة مؤسسها الأول، الأستاذ إسماعيل مظهر، لم تذكر المجلة اسم المؤلف، واصفةً إياه بـ”إمام الأدب العربي”.
- “أوراق الورد”: الجزء الأخير من قصة حبه، المبنية على رسائل في فلسفة الجمال والحب، كتبها لوصف موقف خاص بينه وبين فلانة، وبينه وبين رفيقه الأول، صاحب “حديث القمر”.
- “رسالة الحج”: كُتبت في صيف عام 1935م، ردًا على رأي صديقه حافظ عامر، الذي تُنسب إليه!
- “وحي القلم” (ثلاثة أجزاء): مجموعة فصول ومقالات وقصص قصيرة، كتب معظمها لمجلة الرسالة القاهرية بين سنتي 1934 و1937م. نُشر جزءان منه في حياته، ثم أُعيد طبع الجزء الثالث عدة مرات بعد وفاته. ومن بين هذه الأجزاء:
- 1- اليمامتان
- 2- الطفولتان
- 3- في الربيع الأزرق
16. رسائل الرافعي، وهي مجموعة رسائل خاصة موجهة إلى محمود أبو رية، تضمنت العديد من آرائه في الأدب والسياسة ومؤلفيها.
17. السمو الروحي الأعظم والجمال الفني في البلاغة النبوية: هذه الدراسة القيّمة، التي كتبها الرافعي استجابةً لدعوة جمعية الإرشاد الإسلامي في العراق، كانت تهدف إلى نشرها بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف عام 1352 هـ. نُشرت في نسخة حررها خلف، الذي ذكر في مقدمة نسخته المحررة من هذه الدراسة: “هو خليق بأن يصل ليد كل عربي قارئ، ومقمنة لأن يُتلى على كل أمي عابئ”.
18. خطبة الشباب (مسرحية)
19. رواية حسام الدين الأندلسي (مسرحية) طُبعت في مطبعة الواعظ بمصر سنة 1322 هـ (1905 م). لم تُذكر في كتب من كتبوا عن الرافعي، ولا حتى العريان.
20. ألف الرافعي النشيد الوطني التونسي بعد أن أضاف إليه بيتين من قصيدة للشاعر أبي القاسم الشابي. يُعرف هذا النشيد باسم “حماة الحمى”، وتبدأ القصيدة بـ:
حماة الحمى يا حماة الحمى هلموا هلموا لمجد الزمن
لقد صرخت في عروقنا الدما نموت نموت ويحيا الوطن
وفاته:
توفي رحمه الله في يوم الإثنين 29 صفر 1356ه الموافق لـ 10 ماي 1937م، عن عمر يناهز 57 عاماً، بعد معاناة مع المرض ودفن بجوار أبويه في مقبرة العائلة في طنطا.
أعظم أقوال مصطفى صادق الرافعي سلطان الأدبي العربي
- ربما عابوا السّمُوَّ الأدبي بأنه قليل، ولكنّ الخيـر كذلك. وبأنه مخالف، ولكن الحق كذلك. وبأنه مُحـيّر، ولكن الحُسن كذلك. وبأنه كثير التكاليف، ولكن الحـرية كذلك.
- كانت اللغة العربية مملكة بلا حاكم حتى جاءها القرآن.
- اِعلَمْ أن أرفعَ منازل الصداقةِ منزلتان: الصبرُ عَلَى الصديقِ حينَ يَغلبُهُ طبعُهُ فَيُسِيءُ إليك؛ ثم صبركَ على هذا الصبرِ حين تغالبُ طبعكَ لِكَيْلا تسيءَ إليهِ.
- إن الشعب الذي لا يجد أعمالًا كبيرة يتمجّد بها، هو الذي تُخترَع له الألفاظ الكبيرة ليتلهّى بها.
- أشدُّ سجونِ الحياةِ قسوة؛ فكرة بائسة يسجنُ المرءُ مِنّا نفسه بداخلها.
- إذا لم تزد على الحياة شيئًا؛ فأنت زائدٌ عليها.
- لا تتم فائدة الانتقال من بلدٍ إلى بلد؛ إلا إذا انتقلت النفسُ من شعورٍ إلى شعور، فإذا سافرَ معكَ الهَمّ فأنت مقيمٌ لم تبرح.
- في قلب الرجل ألف باب، يدخلُ منها كل يومٍ ألف شيء، ولكن حين تدخل المرأة من أحدها لا ترضى إلا أن تغلقها كلها.
- ليس للمصباح أن يقول إن الطريق مظلم، ولكنه يقول هأنذا أضيء.
- الثقة بالله؛ أزكى أمل، والتوكل عليه؛ أوفى عمل.
- لا يريد الهمّ منك، أكثر من أن تريدَه؛ فيأتي.
- يموت الحيُّ شيئًا فشيئا؛ وحين لا يبقى فيه ما يموت، يُقال: مات.
- رؤية الكبار شجعان، هي وحدها التي تُخرِج الصغار شجعان، ولا طريقة غيرها في تربية شجاعة الأمّة.
- إنّ دموع المظلومين، هي في أعينهم دموع، ولكنّها في يد الله صواعق؛ يضرب بها الظالم.
- إن للقلب أربع لغات يتكلم بها: واحدة منهن بالألوان في الوجه، والثانية بالدلال في الجسم، والثالثة في النظر بالمعاني، والأخيرة وهي أسهلهنّ وأبلغهنّ؛ يتكلم بكل ذلك في ابتسامة.
- لا يمكن للقلب أن يعانق القلب؛ ولكنهما يتوسلان إلى ذلك بنظرةٍ تعانقُ نظرة، وابتسامةٍ تضم ابتسامة.
- مَن شغلَ نفسه بعيوب الآخرين؛ كثرت عيوبه، وهو لا يدري.
- قيمةُ كل شيءٍ، هي قيمة الحاجة إليه، فترابُ شبرٍ من الساحل، هو في نظر الغريق أثمن من كل ذهب الأرض.
- إننا لا نبكي الميّت لذهابه عنا؛ وإنما لبقائنا دونه.
- الصديق: هو الذي إذا حضر؛ رأيت كيف تظهر لك نفسك لتتأمل فيها، وإذا غاب أحسست أن جزءًا منك ليس فيك.
- إن شر النفاق ما داخلته أسباب الفضيلة، وشر المنافقين قومٌ لم يستطيعوا أن يكونوا فضلاء بالحق؛ فصاروا فضلاء بشيءٍ جعلوه يشبه الحق.
- نرى العُمرَ يتسلّلُ يومًا فيومًا ولا نشعر به، ولكن متى فارقَنا مَن نحبهم؛ نبّه القلبُ فينا بغتةً معنى الزمن الراحل، فكان مِن الفراق على نفوسنا انفجارٌ كتطاير عدةِ سنينَ من الحياة.
- ليس كل ما يعجبك يرضيك، ولكن كل ما يرضيك يعجبك.
- أفتدري ما السعادة؟ إنّها طفولةُ القلب.
- أضيعُ الأمم؛ أمةٌ يختلفُ أبناؤها… فكيف بمن يختلفون حتى في كيف يختلفون.
- في كل إنسانٍ تعرفه؛ إنسان لا تعرفه.. فلا تقل: فلان أعرفه أكثر من نفسي، فالنفوس مُدُن وعوالم كالبحار، بعض قيعانها لم تشرق عليها الشمس يومًا
- “بعض النفوس البشرية تُذَلُّ لأحقر أهل الأرض، ولا تثور إلا على السماء”.