بايوغرافي

من هو سلطان العلماء وبائع الأمراء العز بن عبد السلام؟

لماذا لقب العز بن عبد السلام ببائع الملوك؟

1. مولده وتعليمه:

ولد العز بن عبد السلام في دمشق في عام 577 للهجرة ونشأ في أسرة فقيرة، حيث كان في صغره يساعد أباه في إصلاح الطرق وتنظيفها ولم يدخل إلى المسجد أو المدرسة، وعمل في تنظيف الجامع الأموي  وهو صغير السن مكان والده بعد وفاته بوساطة من الشيخ فخر الدين بن عساكر رحمهم الله جميعا.

كان يتخذ من المسجد بيتا ينام على أرض أرضه ولم يلتحق العز بن عبد السلام بمجالس العلم آنذاك لكنه كان يشاهدها بحكم عمله في تنظيف الجامع، حتى تنبه إليه الشيخ بن عساكر رحمه الله فتعهده وأمر ان يعلم القراءة والكتابة وينتظم في حفظ القرآن الكريم وأن يعطى ثياب مناسبة لدخول حلقات الدراسة مع طلبة العلم بالمسجد.

استطاع العز بن عبد السلام  أن يتعلم القراءة والكتابة وأخذ يجتهد ويأخذ من العلوم ومقبل عليها بشغف مما جعل الشيخ ابن عساكر يضمه لحلقات دراسية ثابتة. وتتلمذ بعدها على يد كبار علماء عصره من أهل دمشق وبغداد.

2. المناصب والمهام التي تقلدها:

تولى رحمه الله الخطابة في الجامع  الذي عمل فيه صغيرا واخذ يدرس داخل المسجد في زاوية الغزالي وعرف بعلمه الغزير وكذلك بزهده فقصده طلاب العلم من كل نواحي البلاد.

كما تولى القضاء وأصبح قاضي القضاة بمصر بعد هجرته ودرس وأفتى وأصبح خطيبا لجامع عمرو بن العاص، وكان فقيها وقائدا للناس وشارك بالكلمة وبالفعل في مواجهة التتار ومحاربة الفرنجة الذين كانوا قد أصبحوا حينها على أبواب العالم الإسلامي.

3. ألقابه رحمه الله:

لقب عز العز الدين جريا على عادة شهيرة آنذاك حينهاانتشرت الألقاب لتوصيف العلماء والامراء والملوك والسلطان واختصر اللقب بلفظ العز وهو الاسم الشائع في كتب التاريخ والتراجيم.

واشتهر العز بن عبد السلام بلقبه الثاني سلطان العلماء والذي أطلقه عليه تلميذه ابن دقيق العيد وبحسب ابن السبتي هذه التسمية أنه أكد مكانة العلماء ورفع ذكرهم في عصره وأشار جمع من الباحثين إلى أن اللقب تأتى لنظرته التجديدية ونفوره من التقليد.

4. مواقفه الخالدة:

اشتهر بمناصحة الحكام ومعارضتهم إذا ما ارتكبوا ما يخالف شرع الله وشريعته قاده ذلك إلى السجن مرات عدة ثم إلى الهجرة والارتحال شد الرحال إلى مصر .

كان العز بن عبد السلام فقيها فاعلا نشيطا لا يخشى في الحق لومة لائم إذ يذكر أنه بعد وفاة السلطان الأيوبي الكامل بن محمد بن العادل نشب نزاع على الملك فتوجه الصالح اسماعيل إلى الفرنجة طالبا منهم المعونة بمواجهة أيوب الذي توجه نحو الشام بعد أن استقر له الامر في مصر فتحالف إسماعيل مع الفرنجة علانية وعقد معهم صلحا وسلم لهم مقابل ذلك صيدا والشقيف وصفد وغيرها من حصون المسلمين وقلاعهم وسمح لهم بالدخول إلى دمشق وشراء السلاح لقتال المسلمين في مصر فأفتى العز بن عبد السلام  بداية بحرمة التعامل مع الفرنجة نص الفتوى “يحرم عليكم بيعهم السلاح لأنكم تعلمون أنهم يشترونه ليقاتلوا به إخوانكم المسلمين”

ثم اعتلى المنبر ذاما من يوالي الاعداء ويقصد الصالح اسماعيل وقبح خيانته وقطع الدعاء له في الخطبة وصار يدعو ” اللهم أبرم لهذه الامة أمرا رشداتعز فيه وليك وتذل في عدوك” ما أزعج الحاكم فأمر بسجنه لكنه عاد وعدل عن الامر فوضعه تحت الإقامة الجبرية ما دفع بالشيخ إلى التوجه صوب مصر عن طريق القدس.

لكن الصالح اسماعيل عاد وأمسك بيه وحاول استمالته وإجباره على تغيير رأيه وأن يقبل يده فيغفر له لكن الشيخ لم يفعل فقال للرسول “يا مسكين ما أرضاه أن يقبل هو يدي فضلا أن أقبل يده، يا قوم أنتم في واد وأنا في واد والحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به”. طبعا غضب عليه الصالح حينئد وكان كلاهما في بيت المقدس فسجنه في خيمة مجاورة لخيمته أثناء جلسة مشاورات بوجود ملك الفرنجة أراد الصالح اسماعيل أمام الفرنجة بما فعله لأجلهم واخبرهم بما فعله مع العز عبد السلام وقال “هذا اكبر قساوسةالمسلمين لقد حبسته لإنكار علي تسليم الحصون لكم وعزلته عن الخطابة في دمشق وعن مناصبه ثم أخرجتهفجاء إلى القدس وقد جددت حبسه واعتقاله لأجلكم” فقال له حينها ملك الفرنجة “لو كان هذا قسيسنا لغسلنا رجليه وشربنا ماءها” هذه السيرة العطرة.

5. اشتهر الشيخ العز بن عبد السلام بقصة بيعه للأمراء:

” كان في مصر الممالك يتحكمون في مفاصل الدولة وضجت العامة بهم فقال العز بن عبد السلام كيف يكونوا عبيدا ويحكمون ويتحكمون في الأحرار، فلا بد أن يكونوا أحرارا من أجل أن يحكموا طبعا، فأفتى بهذه الفتوى وهو يتقلد منصبه في القضاء وفي الفتوى. حاول الملك الصالح أيوب في ذلك الوقت أن يراجعه في الامر فأبى رحمه الله ثم حين ألحو عليه التراجع عن هذه الفتوى عزل نفسه من منصب القضاء وهم بمغادرت البلاد فتبعه الملك بنفسه فدار بينهم الحوار التالي:

  • قال الملك يا شيخنا لو تكرمت بالتراجع،
  • قال العز بن عبد السلام له يا حبيبي هؤلاء أبوك اشتراهم وهم عبيد  فكيف يصبحون متحكمين ومسؤولين وسلاطين على الحقيقة،
  • فقال الملك له وما الحل؟
  • قال الحل ان يشتريهم أحد فجمع هؤلاء الأمراء كلهم وباعهم كما يباع العبد على وجه الحقيقة في أسواق النخاسة، فكان له ذلك فعلا تم بيعهم وأعتقهم وحررهم الشخص الذي اشتراهم وبعد ذلك تقلدوا مناصبهم.

لذلك سيم رحمه الله ببائع الأمراء

ما احوج الامة اليوم بحاجة إلى هذا النوع من العلماء، العالم الذي لا يخشى السلطان، العالم الذي لا يخشى في الله لومة لائم قصة للتامل والفكر

توفي الشيخ العز بن عبد السلام رحمه في مصر بعد أن بلغ 83 سنة وترك لنا تراثا من العلم في مختلف النواحي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *