أسطورة ملحمة الريف، محمد بن عبد الكريم الخطابي قائد معركة أنوال الخالدة

مولده وتعليمه

ولد البطل المغربي محمد بن عبد الكريم الخطابي عام 1301ه الموافق ل 1883م، بمنطقة الريف شمال المغرب الإسلامي تحديد بمدينة أجدير، سماه أبوه شيخ قبيلة من القبائل أمازيغية محمداً تيمناً باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، رباه أبوه تربية صالحة منذ نعومة أظافره، فقام بتعليمه اللغة العربية وتحفيظه القرآن في سن مبكرة، ثم أرسله إلى جامعة “”القرويين” العريقة في مدينة “فاس” ليتعلم الحديث النبوي الشريف والفقه الإسلامي، وما هي إلا سنوات حتى أصبح “محمد بن عبد الكريم الخطابي” قاضي القضاة في مدينة مليلية المغربية المحتلة من طرف الاستعمار الاسباني الذي ناضل ضده هذا البطل المغربي.

خلال هذه الفترة كان المغرب الإسلامي يعيش ظروفا أصعب من أن يتخيله إنسان، فعملت الدول الاستعمارية الإمبريالية على محاولة احتلال المغرب الإسلامي، فعقدت تلك الدول مؤتمر الجزيرة الخضراء “الخزيرات” جنوب إسبانيا عما 1906م بمشاركة 12 دولة إضافة إلى أمريكا من أجل احتلال المغرب الإسلامي وتقسيم أرضه وثرواته.

بزوغ البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي في ميدان الجهاد

إلا أن الشعب المغربي المسلم صانع الأبطال عبر التاريخ رفضوا الاستسلام للغزاة، فظهرت حركات تحريرية في مختلف مناطق المغرب (الريف، الأطلس المتوسط، الكبير والصغير…)، كان من أبرزها الحركة التحررية التي قادها الشيخ عبد الكريم الخطابي وابنه البطل الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي في منطقة الريف شمال المغرب، والتي كانت واقعة تحت الاحتلال الإسباني، فعملا على تجميع القبائل المغربية المتناحرة فيما بينها على راية الإسلام الواحدة لقتال الغزاة.

قام الإسبان باغتيال الشيخ المجاهد عبد الكريم الخطابي رحمه الله وأسروا ابنه البطل أسطورة المغرب الإسلامي محمد بن عبد الكريم الخطابي ووضعوه في إحدى سجونهم، إلا انه تمكن في وقت لاحق استطاع الخروج من الأسر، ليكون من رجال قبائل الريف المغربي جيشاً من ثلاثة آلاف مقاتل فقط حارب به الاحتلال الإسباني مستخدمًا فنًا جديدًا من فنون القتال العسكري كان اول من استخدم في التاريخ الحديث “حرب العصابات” وقد استخدم ثوار العالم بعده هذا الفن العسكري القائم على فنون المباغتة والكر والفر.

“تكتيكات حرب العصابات التي استخدمها “الخطابي” كانت ملهمة لكل من “ماوتس تونغ وهوشي وتشي جيفارا”

إرث يدرس معركة انتصار المقاوم البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي وجيشه على الاسبان في ملحمة أنوال.

ولما تضاعفت خسائر الإسبان في الريف المغربي قام ملك إسبانيا ألفونسو الثالث عشر بإرسال جيش كامل من مدريد تحت قيادة صديقه الجنرال مانويل سلفستري، والتقى الجمعان في معركة “أنوال الخالدة” 21 يوليوز 1921م، جيش اسباني منظم مكون من عشرات الآلاف من الجنود المدججين بأحدث الأسلحة، مقابل 3 آلاف مجاهد مغربي مسلم يحملون بنادق بسيطة، فانتصر ثلاثة آلاف مجاهد تحت قيادة الأسطورة الخطابية على جيش الغزاة الإسبان.

خسائر الجيش الاسباني أمام المقاومة الصلبة للريفيين بقيادة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي

ورد في مذكراته رحمه “وردت علينا معركة أنوال 200 مدفع … وأزيد من 20000 بندقية ومقادير لا تحصى من القذائف وملايين الخراطيش وسيارات وشاحنات، وتموينا كبيرا يتجاوز الحاجة وأدوية، وأجهزة التخييم … وأخذنا 700 أسير وفقد الإسبان 15000 جندي ما بين قتيل وجريح”. مذكرات محمد بن عبد الكريم الخطابي وردت في: مذكرات التراث المغربي المجلد 5 ص: 178.

ولم يسلم من الهلاك والأسر إلا عدد قليل هربوا إلى ملكهم في إسبانيا ليقصوا له أهوال ما رأوا من جيش الخطابي في الريف المغربي، في هذه المعركة التي يسميها الإسبان إلى يوم الناس هذا ب “كارثة أنوال Desastre de Annual”

بعد هذا النصر الكبير أسس الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي “جمهورية الريف الإسلامية” في الوثت الذي كانت فيه أغلب أراضي المغرب تحت سيطرت الأوروبيين. وأصبح اسم الخطابي ملهماً لأحرار العالم، وسار الثوار في لإفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية يتداولون قصته الذي قهر بجيشه الصغير جحافيل إمبراطورية إسبانيا.

مواجهة محمد بن عبد الكريم الخطابي ورجال المقاومة التحالف الإمبريالي

تحالفت الإمبراطورية الفرنسية والإسبانية للقضاء على الخطابي فقاومهم ومن معه من أبطال المغرب الإسلامي، وأوقعوا في صفوفهم خسائر فادحة، ثم قامت طائرة الغزاة بإلقاء الأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا على المدنيين المغاربة، واستعانوا ببعض المرتزقة، وبعض الخونة من أهل البلاد ممن باعوا دينهم وشرفهم للغزاة، واشتروا ذمم بعض شيوخ الطرق البدعية الصوفية الذين أصدروا الفتاوى بتحريم القتال مع الخطابي، فقاوم الخطابي ذلك التحالف الشرير بكل بسالة وقرر في نهاية الأمر أن يقود بنفسه سرية فدائية تقتحم الغزاة، إلا ان من القادة معه منعوه خوفا على حياة أميرهم ومستقبل أرضهم، وأشارو عليه بالتفاوض مع الفرنسين، لكن الفرنسيين بدلاً من التفاوض قاموا باعتقاله عام 1926م ونفيه إلى جزيرة صغيرة بالمحيط الهندي تسمى جزيرة ريونيون، ولكن الله تعالى سخر الأسباب لتحرير الأمير الخطابي بعد أكثر من عشرين عاماً من الأسر سنة 1947م.