موضوع حول المسيرة الخضراء وتحرير الصحراء المغربية
تعريف المسيرة الخضراء:
المسيرة الخضراء مسيرة سلمية انطلقت يوم الخميس 3 ذو القعدة 1395 (6 نوفمبر 1975) للسيطرة على الصحراء الغربية وإنهاء الاستعمار الإسباني بها. شارك فيها 350 ألف مغربي ومغربية. تعتبر حدثا تاريخيا مهما في تاريخ المغرب المعاصر.وانتهت في يوم 9 نوفمبر 1975م.
ظروف تنظيم مسيرة سلمية لتحرير الصحراء المغربية:
بعد اصدار رأي المحكمة الدولية يوم 13 دجنبر 1974م، واعترافها بوجود روابط قانونية مع المغرب، وإعلان المحكمة الدولية أن الصحراء قبل استعمارها من طرف إسبانيا لم تكن أرضا بلا سيد بل كانت هناك روابط البيعة بين سلطان المغرب وقبائل الصحراء والمغربية، جاء الفكرة العبقرية للملك الحسن الثاني أثناء تواجده بمدينة فاس فكرة المسيرة الخضراء السلمية لتحرير الصحراء، وأعلن ذلك يوم 16 أكتوبر 1975م عن تنظيم مسيرة سلمية، أصبحت من العلامات الفارقة في تاريخ المغرب، أفضت إلى تحرير قسم غال من أرض الوطن، مكونة من 350000 مواطن ومواطنة من بين ملايين المتطوعين. وفتح العديد من المكاتب في مختلف مناطق المغرب لتلقي طلبات المتطوعين للمشاركة في المسيرة. وقد حددت نسبة المتطوعين في 10% من السكان، وتم توزيعها على جل المناطق وفقًا لعدد السكان بكل منطقة.
سبب تسميتها بالمسيرة الخضراء:
أما لماذا سميت بالمسيرة الخضراء فإن جلالة الملك الحسن الثاني في كتاب التحدي أشار إلى أن راية الرسول صلى الله عليه وسلم كانت خضراء اللون، وقد أراد جلالته تيمنا بذلك أن تكون هذه الميزة لواء الرسول، وزحف مقدس وحج روحي إلى الأرض المغربية المسترجعة.
لقد أراد الملك الحسن الثاني مسيرة بلا سلاح، وأعطى أوامره بعدم مواجهة الجنود الاسبان، في حين قال بصدد العدوان أنه إذا جاء من جهة غير اسبانية، فينبغي الدفاع عن النفس والكرامة، والوقوف في وجه الغزاة من غير الاسبان.
تاريخ انطلاق المسيرة الخضراء 6 نونبر 1975م:
بدأت الدفعة الأولى من المتطوعين في 23 أكتوبر / تشرين الأول في مدينة الرشيدية، وعلى مدار الاثني عشر يومًا التالية، تم نقل 10 سيارات يوميًا دون انقطاع إلى مراكش، ثم إلى الأمام ثم إلى أطراف طرفة. وفي هذه الاثناء وجه الراحل الحسن الثاني ملك المغرب يوم 5 نونبر 1975 خطابا إلى الامة المغربية أعلن فيه أن المسيرة الخضراء ستنطلق غدا ومن أشهر الكلمات التي قالها:
“”” غدا إن شاء الله ستخترق الحدود، غدا إن شاء الله ستنطلق المسيرة، غدا إن شاء الله ستطالون أرضا من أراضيكم، وستلمسون رملا من رمالكم وستقبلون أرضا من وطنكم العزيز”””.
وانطلقت في اليوم الثاني من الخطاب المسيرة الخضراء فعلا يوم 6 نونبر 1975 على الساعة العاشرة والنصف صباحا، بعد أن أعطى انطلاقتها الملك الحسن الثاني بواسطة آلة الاتصال اللاسلكي، مخاطبا السيد أحمد عصمان رئيس الوزراء الذي كان في طليعة المسيرة: “السيد أحمد … باسم الله مجراها ومرساها”.
وبوصول قوافل المتطوعين إلى أقصى الجنوب وبطرفاية على وجه التحديد، أصبحت اسبانيا أمام الامر الواقع، فإما أن تقوم بمهاجمة جموع المغاربة العزل عند اجتيازهم لحدود أقاليمهم الجنوبية، أو تركهم يدخلون أراضيهم دون مقاومة، وفي ذلك انتصار ما فيه من مهانة لسلطاتها العسكرية المتمركزة بكثرة في غرب الصحراء المغربية وهوما حدث دخل المغاربة منتصرين.
لقد عاش المغرب في تلك الأيام لحظات من الحماس والشعور الوطني تذكر بعودة الملك محمد الخامس من المنفى والحصول على الاستقلال، وما عرفته الحواضر والبوادي المغربية من الفخر والاعتزاز وروح الانتماء لهذا الوطن، ولعبت الأناشيد الوطنية التي أنجزت بالمناسبة كذلك دور فعال في تحميس الجماهير ورفع المعنويات والقبول بالتضحيات في سبيل تحقيق الوحدة المنشودة واسترجاع الأقاليم المغتصبة.
أحداث وقعت أثناء تنظيم المسيرة الخضراء ساعدة المغرب:
وشاءت الأقدار أن يمرض رئيس الدولة الاسبانية آنذاك في هذا الوقت بالذات، بل وأن يطول احتضاره، مما جعل الأمر يخرج من يده وينتقل إلى “الدون خوان كارلوس” ولي العهد الاسباني الذي وصل إلى مدينة العيون لتفقد القوات الاسبانية المرابطة بالصحراء والاطلاع على الأحوال في عين المكان.
وهكذا بلغ الوضع حالة من التوتر ظن الجميع معه أن المجابهة المباشرة بين المغرب واسبانيا قادمة لا محالة، مع أن ملك المغرب لم يقطع حبل التواصل مع الجارة الاسبانية عن طريق أصدقاء إسبان وأجانب.
وأمام هذا الوضع الجديد الذي لم تضرب له اسبانيا الحساب فاضطرت إلى قبولها الحقيقة على أرض الواقع وفتح حوار سلمي مع المغرب صاحب الحق الشرعي في المطالبة بالسيادة على أراضيه وهكذا وصل إلى مدينة أكادير الوزير الاسباني ” أرنيمتوكا رو مارتينيز” لمقابلة الملك الحسن الثاني وإجراء مباحثات من أجل إيقاف المسيرة وفتح مفاوضات بمدريد لإجلاء إسبانيا عن الصحراء وإعادتها إلى المغرب الشيء الذي قبله الجانب المغرب.
وأسفرت المحادثات التي تمت بمدريد بالاتفاق الأطراف على المبادئ التالية:
- قبول اسبانيا تصفية الاستعمار في الصحراء، ووضع حد لمسؤولياتها وسلطانها باعتبارها الدولة المتصرفة هناك.
- الشروع في إقامة إدارة الصحراء، بمشاركة المغرب وموريتانيا بتعاون مع “الجماعة” وتعيين حاكمين أحدهما مغربي وأخر موريتاني لمساعدة الحاكم العام للأقاليم في مهامه، على أن ينتهي الوجود الاسباني هناك فعليا وبصفة نهائية قبل تاريخ 28 فبراير 1976م.
- احترام رأي سكان الصحراء المغربية بواسطة “الجماعة”
- تصريح الدول الثلاث بالتوصل إلى هذه النتائج بالتفاهم واحترام مبادئ الأمم المتحدة مساهمة في حفظ السلام والأمن.
دخول الاتفاقية حيز التنفيذ بمجرد نشرها في الجريدة الرسمية الاسبانية وصادق “الكورتيس” البرلمان الاسباني على المعاهدة، وأبلغ الاسبان نصها إلى المنظمة الدولية للاحتفاظ بها كوثيقة رسمية، كما عرضت الاتفاقية على “الجماعة” ووافقت عليها، باسم أهالي الصحراء، وبذلك تم إنزال العلم الإسباني من على مبنى الحاكم العام بالعيون، ورفع فوقه العلم المغربي بمحضر السيد أحمد بن سودة مستشار الملك الحسن الثاني المعين كعامل على الصحراء، وبهذا انتهى العهد الاسباني بالأقاليم الجنوبية للمغرب بطريقة سلمية وودية، وتمت تصفية الاستعمار بالصحراء المغربية بروح من التعاون والسلم والهدوء.
“”إن مغربية الصحراء حقيقة ثابتة، لا نقاش فيها، بحكم التاريخ والشرعية، وبإرادة قوية لأبنائها، واعتراف دولي واسع””.