اقتصاد

بحث شامل عن علم الاقتصاد

تصميم البحث:

  1. تاريخ علم الاقتصاد.
  2. تطور علم الاقتصاد عبر التاريخ.
  3. بعض تعاريف علم الاقتصاد.
  4. علاقة علم الاقتصاد بالعلوم الأخرى.
  5. فروع علم الاقتصاد.

1- تاريخ علم الاقتصاد:

بينت الدراسات الفكرية الاقتصادية التطورات العلمية التراكمية التي أحدثها علماء ومفكرو الاقتصاد عبر التاريخ حتى أصبح الاقتصاد بأدواته المتنوعة أساسا للعمل والإنتاج في جميع دول العالم، فهذا العلم الذي تطور نتيجة عناصر تداخلت بين الانسان والبيئة المحيطة به، أثمرت مجموعة من الأفكار البسيطة والبدائل المتنوعة التي واجه بها الإنسان البسيط مشكلات المجتمع الاقتصادية، وسرعان ما تم تطوير هذه الأفكار من جيل إلى جيل وتراكمت لديه المعرفة الاقتصادية، وظهر العديد من العلماء المتخصصين، الذين ساهموا في حل الكثير من المشكلات الاقتصادية التي واجهها العالم ولعل أبرزها الكساد العظيم عام 1929 والأزمة المالية عام 2008.

الكساد الكبير أو الانهيار الكبير (Great Depression): 

هي أزمة اقتصادية حدثت في نهاية العشرينيات من الرقن الماضي واستمرت إلى بداية الأربعينيات، وتُعتبر هذه الأزمة من أكبر الأزمات الاقتصادية وأشهرها في القرن العشرين ويضرب بها المثل لما قد يحدث في القرن الواحد والعشرين، ويقول المؤرخون إنها بدأت مع انهيار سوق الأسهم الأمريكية في 29 أكتوبر 1929 والمسمى بالخميس الأسود. وفي سبتمبر 2008 اندلعت أزمة مالية عالمية جديدة والتي اعتبرت الأسوأ من نوعها منذ الكساد الكبير سنة 1929م، بدأت الأزمة أولاً في الولايات المتحدة ثم امتدت إلى دول العالم؛ لتشمل الدول الأوروبية والدول الأسيوية والدول الخليجية والدول النامية التي ترتبط اقتصادياتها مباشرة بالاقتصاد الأمريكي، وقد بلغ عدد البنوك التي انهارت في الولايات المتحدة خلال العام 2008م 19 بنكاً أبرزها “ليمان براذرز”، كما توقع آنذاك المزيد من الانهيارات الجديدة للبنوك الأمريكية البالغ عددها 8400 بنك.

تجمع حول أحد المصاريف الأمريكية في بداية الأزمة (1929م)

2- تطور علم الاقتصاد عبر التاريخ:

وعلى مر القرون تراكمت المعارف الاقتصادية بفضل ما قدمه العلماء والفلاسفة من نظريات وأفكار وحلول لمواجهة الصعوبات والمشاكل التي واجهتها الأمم والبلدان مما ساعد على نشأة علم الاقتصاد وتطوره كعلم مستقل. وقد كان لكتاب “ثروة الأمم The Wealth of Nations” والذي نشره الاقتصادي الاسكتلندي آدم سميث (Adam Smith) عام 1776م أثره الواضح في بروز علم الاقتصاد كعلم مستقل يعتمد على نظريات وحقائق منطقية.

لقد تطور علم الاقتصاد عبر مراحل ومدارس فكرية مهمة أدت إلى ظهور العديد من النظريات الاقتصادية وتبلورها ومن ثم انتقالها من جيل إلى جيل وتعديلها؛ لتتناسب والفترة الزمنية والمشكلات القائمة، ويمكن ترتيب هذه المدارس على النحو الآتي:

مقالات ذات صلة

أولاً – المدرسة التجارية (المركنتيلية): 

انتشر المذهب التجاري أو (المركنتيلية) في أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر ومن أهم أفكار هذه المدرسة هو احتلال التجارة المركز الأول في النشاط الاقتصادي – وبالتالي – أصبحت أولويات العمل في القطاعين الصناعي والتجاري وليس الزراعي، كما أن قوة الدولة تتحدد بما تملكه من معادن نفيسة (الذهب والفضة)، ولم تكن رفاهية الفرد من بين أهدافها.

ثانياً – المدرسة الطبيعية:

بدأت المدرسة الطبيعية أفكارها في فرنسا (منتصف القرن الثامن عشر) وركزت في أن الأرض هي مصدر الثروات وعنصر أساسي لعمليات الإنتاج المختلفة، وأن الأعمال الإنتاجية الزراعية هي من الأولويات بالنسبة إلى المجتمع، وقللت من أهمية الأنشطة الصناعية والتجارية، كما نادى رواد هذه المدرسة (1756م- 1778م) إلى عدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي العام، وتطبيق الحرية الاقتصادية كمنهج للتطور الاقتصادي، ويرون لبأن أي ظاهرة اقتصادية تخضع لنظام الطبيعة في الأساس.

ثالثاً – المدرسة التقليدية (الكلاسيكية):

ركز مفكرو هذه المدرسة أمثال آدم سميث Adam Smith وديفيد ريكاردو David Ricardo، في النفع الشخصي الذي يحكم تصرفات الأفراد وعلاقاتهم في المجتمع، فاعتبروا ذلك مدخلا مهما لتحريك عجلة الإنتاج، واعتمدوا الحرية الاقتصادية أساسا للعمل الإنتاجي، ونادوا بسعي الدولة إلى تشكيل قوى عاملة مدربة وقادرة على الإنتاج، كونها المحرك الأساس للتطور المجتمعي الاقتصادي المنشود، وبتحقيق التقارب بين مصلحة الفرد مصلحة المجتمع.

رابعاً – المدرسة الحديثة:

تركزت أفكار هذه المدرسة في وضع التصورات والحلول لمشكلات المجتمع الاقتصادية المتمثلة في مشكلة التنمية الاقتصادية ومتطلباتها ومشكلة البطالة وتأثيرها في قوى العرض والطلب في المجتمع، ومعالجة بعض الظواهر والأوضاع الاقتصادية في الدول الرأسمالية الحديثة كظاهرة التضخم الاقتصادي والكساد، والعمل على حل هذه الظواهر بالمعرف الاقتصادية المتراكمة.

3- بعض تعاريف علم الاقتصاد:

أفرزت التطورات العلمية مجموعة متنوعة من العلوم الإنسانية التي ساهمت في رقي المجتمع وتطوره، أحدها هو علم الاقتصاد الذي ارتبط بالسلوك الإنساني منذ البداية وحتى تاريخنا الحاضر. فكل المفكرين الاقتصاديين وعلى اختلاف العصور وضعوا مجموعة مختلفة من التعريفات لعلم الاقتصاد بسبب تغير الطبيعة البشرية وسلوكياتها والتغير المعيشي وتطوره من عصر إلى آخر، مما ساهم في صياغة تعريفات مختلفة. ولعل أنسبها التعريف الذي وضعه الاقتصادي البريطاني ليونيل روبنز (Lionel Robbins) “بأنه العلم الذي يدرس السلوك الإنساني كعلاقة بين الأهداف والحاجات المتعددة بين وسائل نادرة ذات استعمالات مختلفة”. ويتضمن ثلاثة أركان رئيسية هي:

  • 1. أهداف وحاجات متعددة يسعى الفرد إلى إشباعها. 
  • 2. استعمال وسائل وموارد نادرة. 
  • 3. استعمالات مختلفة للموارد الاقتصادي.

بعض تعاريف علم الاقتصاد للمفكرين في المدارس الاقتصادية جميعها يوضح الاختلافات الفكرية:

  1. عرف آدم سميث Adam Smith علم الاقتصاد بأنه “العلم الذي يبحث في الكيفية التي تمكن الأمة من أن تغتني”.
  2. عرف ألفريد مارشال Alfred Marshall علم الاقتصاد بأنه “العلم الذي يدرس السلوك الإنساني في مواقف الحياة العادية”.
  3. عرفته كيرن كروس Cairn Cross: بأنه “العلم الذي يهتم بدراسة سلوك الأفراد من حيث توزيع الموارد النادرة ذات الاستعمالات المختلفة بين الأهداف المتعددة وكيفية القيام بهذه المحاولة عن طريق إجراء المبادلة في السوق”.
  4. دراسة النشاطات المتعلقة بالإنتاج والتبادل والاستهلاك.
  5. دراسة كيفية تخصيص الموارد الاقتصادية النادرة أو المحدودة، ذات الاستعمالات البديلة، لإنتاج سلع وخدمات مختلفة بقصد تحقيق أقصى لإشباع لرغبات المجتمع المتعددة.
  6. هو العلم الذي يهتم بتحديد معايير سلوك الفرد وتفسيره عند إقدامه على استعمال الموارد المتاحة والمحددة لإشباع حاجاته اللانهائية وغير المحددة؛ بحيث توضع تلك الموارد في أفضل استعمالاتها الممكنة؛ ليتم الإنتاج طبقاً لسلم التفضيل الجماعي، مع العمل المستمر على زيادة الموارد كما وتحسينها نوعاً، حتى يمن تحقيق معدلات نمو مرتفعة للاقتصاد الوطني لضمان ارتفاعات حقيقية في مستويات المعيشة.
  7. عرفه (جون ستيوارت ميل John Stuart Mill) “العلم الذي يبحث في إنتاج الثروة وتوزيعها بالطرق والوسائل العلمية”.
  8. ومن التعريفات الفرنسية القديمة “العلم الذي يختص بدراسة إنتاج الثروة ومبادلتها وتوزيعها واستهلاكها”. يؤخذ على هذا التعريف اهتمامه بالجانب المادي وإهماله للإنسان وحاجته. وفي تعرف آخر للاقتصادي الإنجليزي ألفريد مارشال (Alfred Marshall) إنه “العلم الذي يختص بدراسة الإنسان وهو يمارس حياته عن طريق ذلك الجزء من نشاطه الفردي والاجتماعي المرتبط ارتباطاً وثيقاً باقتناء المتطلبات المادية للحياة واستعمالها”.
  9. ويعرفه البروفيسور (هيدي) بأنه “العلم الذي يختص ببحث مشاكل الاختيار بين الأشياء البديلة ومعالجتها”.
  10. وعرفه الاقتصادي الفرنسي (بول دبيو) بأنه “العلم الذي يختص بدراسة جهود الأفراد في سبيل إشباع حاجاتهم المادية وتحسين حالهم.”
  11. وقد عرفه (دوبتر) علم الاقتصاد بأنه “العلم الذي يدرس السلوك الإنساني كعلاقة بين أهداف ووسائل نادرة ذات استعمالات بديلة”.
  12. ويعرفه ميلتون فريدمان Milton Friedman) بأنه “العلم الذي يبحث في الطراق التي تمكن المجتمع من حل مشاكله الاقتصادية”.
  13. وهناك تعريف آخر يقول إن “الاقتصاد علم اجتماعي يدرس الكيفية التي يحاول بها الأفراد تطبيق الندرة على حاجاتهم، والطريقة التي تتفاعل بها هذه المحاولات بعضها مع بعض عن طريق التبادل.”

4- علاقة علم الاقتصاد بالعلوم الأخرى:

أوضح مفكرو علم الاقتصاد اختلاف مدارسهم الفكرية أن علم الاقتصاد يركز في سلوك أفراد في المجتمع للحصول على احتياجاتهم المتزايدة والمتنوعة من السلع والخدمات. فسلوك الفرد يتأثر الاجتماعية والبيئية، ولذلك ارتبط علم الاقتصاد بالعلوم الأخرى والتي يمكن تقسيمها إلى قسمين: 

  • الأول: يضم العلوم الإنسانية: علم السياسة، علم الاجتماع، علم الفلسفة، علوم الجغرافيا والتاريخ.
  • الثاني: يضم العلوم الطبيعية: علوم الأحياء والكيمياء، والفيزياء، والرياضيات.

وتتمثل علاقة علم الاقتصاد بالعلوم الأخرى في الآتي:

1- علاقته بعلم السياسة: 

يهتم علم السياسة بصياغة مجموعة القواعد العامة للنشاط الاجتماعي (شؤون المجتمع)، بينما يركز علم الاقتصاد في السياسات الكفيلة بتأمين احتياجات المجتمع (السلع والخدمات) المتنوعة والمتزايدة، ويسعى إلى تحقيق الإشباع المطلوب، فالارتباط هنا يبنى على أساس أن متخذي القرارات السياسية في المجتمع تكون مرجعيتهم في أغلب الأحوال مبنية على أساس المعطيات والتوقعات اقتصادية. كما أن الدول التي تقيم علاقات سياسية مع بعضها البعض تعتمد في توطيد هذه العلاقة على الارتباطات الاقتصادية المتمثلة في التبادل الدولي للسلع والخدمات (التجارة الدولية). 

2- علاقته بعلم التاريخ: 

اعتمد مفكرو علم الاقتصاد على التاريخ الاقتصادي خلال مراحل تطور العلم وخلال العصر الحالي، حيث إن التاريخ يرصد باستمرار حركة التطور الاقتصادي وتجارب دول العالم في مواجهة الظواهر الاقتصادية، لذلك اعتمد المفكرون الاقتصاديون على التاريخ في صياغة نظرياتهم الاقتصادية وتفسيرها ضمن المدارس الاقتصادية المختلفة، وعملوا على تعديلها لتتناسب ومشكلات العصر الذي عاشوه؛ حيث ساعدهم التاريخ الاقتصادي على دراسة التوقعات للظواهر الاقتصادية والتنيؤ بحصول ركود اقتصادي، أو تضخم في الأسعار من خلال تحليل المعطيات الأولية والمؤشرات الاقتصادية، وتفسير الظواهر الاقتصادية واقتراح منظومة السياسات الاقتصادية المناسبة لحل أي مشكلة اقتصادية تواجه المجتمع. 

3- علاقته بعلم النفس: 

يعتمد الباحث الاقتصادي في دراسته سلوك الإنسان على مجموعة الدوافع النفسية التي تحرك السلوك العام للفرد وتدفعه إلى اختيار حاجاته المتنوعة وتحديد أولوياته منها، وبالتالي تمكن هذا الباحث من تحديد التوجه العام للمجتمع (على سبيل المثال توجه الأفراد للإنفاق على مجموعة محددة من السلع والخدمات) ولكي يستطيع الباحث الاقتصادي دراسة سلوك الأفراد في المجتمع، يتعين عليه الاستفادة من علم النفس في تحليل شخصية الأفراد وقراءة توجهاتهم الشخصية سواء في الإنفاق أو الادخار أو الطلب، والتنبؤ بالتغيير المحتملة في المستقبل على سلوك الأفراد.

4- علاقته بعلم المنطق: 

من المعروف أن علم المنطق يرتكز على القواعد والقوانين العامة، وعلى هذا الأساس استعان علماء الاقتصاد بعلم المنطق للبرهنة على نظرياتهم الاقتصادية صحيحة؛ لأنها تعتمد على قواعد المنطق وقوانينه، حيث إن الفرضية المنطقية تقود إلى نتائج صحيحة والعكس صحيح.

5- علاقته بالرياضيات والإحصاء: 

اعتمد علماء الاقتصاد على مجموعة من الأساليب الرياضية والإحصائية؛ لتحليل نظرياتهم الاقتصادية والوصول إلى نتائج نهائية صحيحة، فقد تم الاستفادة من هذا العلم في دراسة العلاقات بين المتغيرات الاقتصادية في مجالات كثيرة كالإنتاج والتوزيع والنمو الاقتصادي، والدخل القومي، وحولت عبارات التحليل الاقتصادي إلى أرقام رياضية، فتم استعمال الأساليب الرياضية والإحصائية في الدراسات الاقتصادية (الاقتصاد القياسي Econometrics).

5- فروع علم الاقتصاد:

قسم علم الاقتصاد إلى قسمين رئيسيين: 

  • 1. النظرية الاقتصادية.
  • 2. الاقتصاد التطبيقي.

1. النظرية الاقتصادية:

وتنقسم النظرية الاقتصادية بدورها إلى قسمين رئيسيين هما:

أ- الاقتصاد الجزئي (Micro Economics): 

يركز هذا القسم في دراسة الحراك الاقتصادي للوحدات الاقتصادية الفردية في السوق (المشروعات الاقتصادية الفردية) وكذلك لسلوك المنتج والمستهلك وسعر السلعة أو الخدمة ونظرية الثمن. فتفاعل المستهلك مع المنتج أو المصنع في تحديد الطلب والعرض لمنتج معين ينتج عنه تغير في الأسعار في فترات مختلفة تؤدي إلى تغير في معدلات الإنتاج والإنتاجية.

ب- الاقتصاد الكلي Macro Economics

يركز الاقتصاد الكلي في دراسة القضايا الاقتصادية الكلية كتحديد الطلب الكلي والناتج القومي أو العرض الكلي والمستوى العام للأسعار والتضخم ومستوى العمالة والنمو الاقتصادي والاستهلاك الكلي والاستثمار الكلي والادخار الكلي في المجتمع.

2. الاقتصاد التطبيقي Applied Economics

يعتمد الاقتصاد التطبيقي على أساسيات علم الاقتصاد وأصوله في مواجهة القضايا الاقتصادية التي تواجه المجتمع وينقسم أقساماً متعددة، منها على سبيل المثال:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *