بايوغرافي

قراءة في رواية اللص والكلاب: جرد القوى الفاعلة

إن الهدف الأساسي من جرد القوى الفاعلة يتمثل في تعرف تراتبيتها / تنظيمها الذي تعالج به في النص، كما يبدو ضروريا الانتباه إلى السمات والأوصاف المقدمة لكل قوى فاعلة بغية تقـويم فاعليتها التـي تجعلها إيجابية. الحق أن هناك قوى فاعلة في النص متعددة ومتفاوتة من حيث الأهمية التي يكتسبها فعلها في تطوير الأحداث وتناميها ومن بين هذه الشخصيات نذكر:

أولا: القوى الفاعلة الأدمية/ الشخصيات:

1. سعید مهران:

أبرز شخصيات الرواية، دائم الحضور في جميع فصولها شاب ثلاثيني من أبرز ملامحه: شاب ضائع تقلبت به الحياة بين الأماكن والأعمال والعلاقات. لص يمارس السرقة ضد من يعتبرهم من طغاة المجتمع والوصوليين والانتهازيين بسيط وفقير ابن بواب عمارة، الطلبة، مؤمن بالقيم الاشتراكية التي تشبع بها على يد ” صديقه” رؤوف علوان والتي جعلته يستحل سرقة الأغنياء والإغداق على المحتاجين متمرد وغاضب من المجتمع، خاصة بعد خروجه من السجن واكتشافه خيانة زوجه وتلميذه. يعيش أزمة روحية، بفعل التناقض بين القيم التي يحملها ويبن الواقع الاجتماعي المزري الذي يعيشه. ينطوي على نزعة إنسانية عميقة.

2. رؤوف علوان:

كان طالبا ريفيا، تابع دراسته في الحقوق، صديق سعيد مهران وأستاذه علمه حب الكتاب، وقف جانبه اثر أول سرقة اقترفها، ساعد مهران على الالتحاق بالمدرسة، سعى الى أن يجعله مكان أبيه في خدمة العمارة، أثر كثيرا في حياة سعيد، كان يرشده الى الأسماء الجديرة بالسرقة، مثقف انتهازي تقلب بين “الإيمان” بالقيم الاشتراكية والرغبة في حياة اللصوص الأثرياء أصبح صحفيا ناجحا وتنكر لمبادئه هو أول الكلاب بالنسبة لسعيد، إذ شن عليه حملة شعواء موظفا صحيفته.

3. نبوية:

اسمها الحقيقي شلبية: يتيمة كانت تشتغل عند عجوز تركية أرستقراطية. كانت تملك جمالا فلاحيا لذيذا. تعرف عليها سعيد مهران عندما كان يعمل حارسا لبيت الطلبة أحبها سعيد مهران بقوة. تزوجها في ظروف صعبة، وكافح من أجلها. أنجب منها ابنتهما “سناء”. خانته عندما دخل السجن، وتزوجت من صبيه عليش.

4. عليش سدرة:

معدم فقير، كان سعيد يثق به ثقة عمياء تزوج بنبوية، بعد دخول سعيد السجن، واستولى على أمواله التي تركها عند نبوية.

5. نور:

عاهرة محترفة تهيم عشقا بسعيد تعرف عليها سعيد بمقهى “طرزان” آوته بعد خروجه من السجن. كانت تبيع نفسها لتطعمه. وصفها سعيد بأنها ذات قلب رقيق مفعم بالحرارة وقوة الإصرار.

6. الشيخ علي الجنيدي:

شيخ متصوف منسحب من الدنيا صديق والد سعيد مهران لجأ إليه سعيد بعد خروجه من السجن، لكن لم يجد عنده إلا الدعوة إلى أن يتوضأ، فغادره يبرز الأزمة الروحية لدى سعيد مهران.

7. رزان:

صديق قديم، ومعلم المقهى التي تعقد فيها صفقات الدعارة وجلسات المجون. يحب سعيد، ويخلص له. وفر لسعيد مسدسا يصفي به حسابه مع من خانوه وفر له معلومات متعلقة بأعدائه. كان ملجأه عند الحاجة.

موضوع صراع بين الأب الطبيعي سعيد مهران وزوج الأم والمحتضن عليش لم تتعرف على أبيها، تبدو خائفة مضطربة أثناء اللقاء الذي جمعها بابيها الحقيقي سعيد مهران رمز للبراءة المغتصبة المعلم بياضة زميل سابق لسعيد وصديق وشريك عليش، خان صديقه الأول، وكاد أن يؤدي ثمن هذه الخيانة أثناء لقائه بسعيد مهران الباحث عن المكان الجديد الذي استقر به عليش.

ثانيا: المؤسسات:

تؤثث فضاء الرواية عدة مؤسسات فاعلة في أحداثها ومؤثرة على شخصياتها، مع تفاوت في التأثير والحضور، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: السجن باعتباره أول مكان يؤطر فضاء الرواية أثناء تواجده به حصلت الخيانة، وتحققت أهداف الانتهازيين.

وهناك الصحافة التي أثرت في جهاز الشرطة والرأي العام المنقسم إلى معارض أو مناصر لسعيد مهران

ثم هناك المدرسة والجامعة التي شكلت نعمة لرؤوف علوان ومصدر وعي شقي لسعيد مهران.

ثالثا: الجمادات:

كثيرة ومتنوعة بين الحارة والمقهى ومنزل نور وفيلا رؤوف علوان والجبل والمقبرة والشوارع وعمارة سكن الطلبة ورباط الجنيدي، والتي تركت آثارها القوية أو الضعيفة في نفسيات شخصيات الرواية، فهي تحتضن الذكريات حلوها ومرها، لذلك تم استرجاعها أحيانا، أو محاولة تناسيها كما هو الشأن بالنسبة لرؤوف علوان وعليش المتنقل من منزل لآخر خوفا على حياته من انتقام سعيد مهران

رابعا: القيم والمشاعر:

تتنوع القيم والمشاعر في الرواية وكل منها ارتبط بشخصية شخصيات معينة فنجد القناعة والاستسلام للأمر الواقع ويمثلها علي الجنيدي والانحراف والخروج عن القوانين ويتجسد ذلك في شخصية المومس نور والمتاجرين في الممنوعات من ذوي السوابق كرزان وغيره، ثم الرغبة في الغنى والثراء على حساب القيم الأصلية والانتماء الطبقي، ويبرز ذلك جليا في التسلط الطبقي لرؤوف علوان في مقابل الالتزام الإيديولوجي والإيمان الصادق بالعنف الثوري المجسد في شخصية سعيد مهران، أما عليش فيمثل أعلى درجات الشخصية الانتهازية التي لم تكتف بسرقة أموال الصديق بل استولت على زوجته وابنته وكل ممتلكاته مما جعل مسألة الانتقام منه ونبوية تحتل مركز الاهتمام لدى سعيد مهران

ولعل أهم الشخصيات التي عاشت عدة مشاعر متناقضة ومتضاربة وجارفة هي شخصية سعيد مهران، لأنه عاش خيانة مزدوجة الأولى اجتماعية من زوجته وصديقه عليش، والثانية إيديولوجية ثقافية من طرف أستاذه وموجهه رؤوف علوان، مما جعله يحس بالمهانة والخزي والعار أمام أسرته وأصدقائه وذاته، فقرر الانتقام من جميع الخونة…

الرهان: رهان المحتوى:

  • سعيد مهران راهن على تصفية الحساب مع الاوغاد والسفلة، ثم الفرار لكي تصفو الحياة للأحياء، وتسترد معناها المفقود
  • رؤوف علوان اثارة الرأي العام ضد مهران
  • الشيخ علي الجنيدي هداية مهران
  • نور امتلاك قلب مهران
  • طرزان مساعدة مهران
  • رهان الخطاب
  • الاعمال الفردية لا قيمة لها ما دام ينقصها التنظيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *