جغرافيا

البحار والمحيطات في العالم

تملك البحار والمحيطات تأثيراً كبيراً على التوازن الطبيعي والمناخ لكونها تغطي ثلاثة أرباع مساحة كوكبنا. لكن التوازن الطبيعي مهدد اليوم من قبل أنشطة الإنسان التلوث، الصيد الجائر، تغير المناخ). وبالنظر إلى كونها وسيلة للمواصلات والاتصالات، ومصدراً للغذاء والمواد الأولية والطاقة، فإن البحار والمحيطات باتت تمثل تحدياً مفصلياً للبشرية أكثر من أي وقت مضى.

1. المحيط الهادئ:

يتميز المحيط الهادئ بغناه بالشعاب المرجانية وشجيرات المنغروف، إلا أنه يشهد أيضا على حركات ثوران وزلازل مدمرة. علاوة على ذلك، تترك تياراته البحرية والجوية آثارها على جزء كبير من الكوكب.

1.1. المحيط الهادئ: أرقام قياسية

يُعتبر المحيط الهادئ أوسع المحيطات إذ يمتد وحده على نحو ثلث مساحة الأرض أي 180 مليون كيلومتر مربع تقريبا ومن ضمنها البحار الداخلية، و147 مليون كيلومتر مربع من دون مياه المحيط المتجمد الجنوبي. يحتوي المحيط الهادئ على نصف كمية المياه الإجمالية الموجودة على سطح الأرض. علاوة على ذلك، يُعتبر الأعمق على سطح الكوكب إذ يصل متوسط عمقه إلى 4200 متر، كما أن جزأه الغربي يضم الهوة الأعمق في العالم في أخدود ماريانا، والتي يصل عمقها إلى 11022 متراً. ولا بد من الإشارة إلى أن أعلى نقطة في العالم ليست قمة إفرست إنما بركان يقع في مياه المحيط الهادئ وهو بركان مونالوا في جزر هاواي الذي يصل ارتفاعه إلى 9200 متر عن قاع المحيط ( يظهر 4171 مترا منها فوق سطح المياه). غير ذلك، يُعتبر المحيط الهادئ أقدم المحيطات على كوكبنا (200 مليون عام).

يضم المحيط الهادئ عدداً من البراكين الواقعة تحت سطح المياه التي تحولت مع مرور الوقت إلى جزر خلابة.

2. المحيد الهندي: محيط مغلق من الشمال:

يُعتبر المحيط الهندي، الذي يحده حاجز من اليابسة في الشمال، المحيط الأصغر بين المحيطات إنما أكثرها تعقيدا. وتؤدي الرياح الموسمية التي تهب فوقه إلى انقلاب تياراته رأسا على عقب.

يعد المحيط الهندي، الذي تحده من الجهة الشمالية سواحل المنطقة العربية وإيران والهند، الأصغر بين محيطات الكرة الأرضية الثلاثة، إذ بالكاد يشغل مساحة تصل إلى 49 مليون كلم إذا ما أخذنا البحار التابعة له بعين الاعتبار، أي إن مساحته في هذه الحالة توازي مساحة أوروبا وأفريقيا والولايات المتحدة! وتصل في أقصاها إلى 75 مليون كلم2 إذا ما أضفنا إليه المياه القطبية الجنوبية. إن متوسط عمق المحيط الهندي البالغ 3800 متر يقع في منزلة وسطى بين عمق كل من المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي، ويعود ذلك إلى النمو الضعيف للرصيف القاري ووجود عدد من الخنادق في جهته الشرقية: خندق أوب في ديمانتينا قبالة أستراليا، خندق جافا (أعمق حفرة ويصل عمقها إلى 7450 مترا) وخندق سوندا عند حدود الأرخبيل الإندونيسي الجنوبية.

يضم المحيط الهندي بعضاً من الجزر التي تستقبل أكبر عدد من السياح ومنها جزر السيشيل والمالديف موريس…

تضاريس مميزة:

يتميز المحيط الهندي بتضاريس قاعه؛ فإذا لم يكن الحيد المحيطي دائريا على غرار المحيط الهادئ (حزام النار الشهير)، إلا أنه محوري على غرار الأطلسي ويتفرع ثلاثة فروع : يمثل أحد هذه الفروع امتداداً لفتحة الصدع الأفريقي، في حين يلتقي الفرعان الآخران على التوالي بالمحيط الأطلسي والمحيط الهادئ. غير ذلك، ترتفع التضاريس في كل مكان من المحيط الهندي وتشكل مجموعة من الأحواض الحوض العربي، حوض الصومال، حوض مدغشقر، الحوض الأوسط، الحوض الأسترالي….

3. المحيط الأطلسي: صلة وصل بين القطبين:

يأتي المحيط الأطلسي بعد المحيط الهادئ من حيث المساحة، وهو المحيط الوحيد الذي يصل مياه القطبين ويؤدي من هذا المنطلق دورا – مهما في الحفاظ على توازن الكوكب المائي.

 يصل المحيط الأطلسي بين مياه المحيط المتجمد الشمالي والمحيط المتجمد الجنوبي، وهو المحيط الوحيد الذي يتلقى مياها باردة من المنطقتين القطبيتين. يمتد المحيط الأطلسي على مساحة أقل بمرتين من مساحة المحيط الهادئ. تبلغ مساحته 88 مليون كلم2 من ضمنها البحار الواقعة على حدوده (106 مليون كلم2 عند إضافة مياه المحيط المتجمد الجنوبي).

يحد المحيط الأطلسي جرف (أرصفة)  قارية واسعة لا سيما في جزئه الشمالي تمثل هذه الجرف نحو 14 %  أعماقه أي مرتين أكثر من أعماق المحيطات الأخرى. علاوةً على ذلك، يمتد حيد منتصف محيطي على شكل حرف S (يصل في بعض الأماكن إلى 2000 كلم) وسط المحيط الأطلسي على مدى طوله. ويشكل هذا الحيد سلسلة واسعة من التضاريس الواقعة تحت سطح المياه التي تظهر فوق سطحها هنا وهناك على شكل جزر بركانية (جزر آزور، أيسلندا…). لهذين السببين إذا يقل متوسط عمق الأطلسي (3300م) عن عمق المحيط الهادئ والمحيط الهندي. إلا أن بعض الحفر العميقة تتميز بعمق كبير (كحفرة بورتوريكو التي تصل إلى 9225مترا).

“بحار محاذية كثيرة تبعاً لأهمية نمو الجرف القارية، يحد المحيط الأطلسي عدد من البحار الداخلية، ومنها مثلاً: المانش بحر البلطيق، بحر الشمال، بحر إيرلندا وغيرها. ويمكن أن نذكر أيضاً بحاراً محاذية أكثر عمقاً على غرار البحر الأبيض المتوسط بحر سرقوسه، بحر الأنتيل، وعددا من مساحة من الخلجان (خليج المكسيك، خليج غينيا…).”

4. المحيطات القطبية: محيطات… أم لا؟

تؤدي المحيطات المتجمدة الشمالية والجنوبية دورا أساسيا في دورة الكتل المائية على سطح الكوكب. في داخل هذين المحيطين تنشأ المياه العميقة الباردة الغنية بالأملاح المغذية.

المحيط المتجمد الشمالي هو الجزء الشمالي من المحيط الأطلسي. أما المحيط المتجمد الجنوبي فيضم في القسم الجنوبي الأقصى من الكوكب المياه المحيطية كلها. لذلك، لا يجب أن نطلق على أي منهما اسم «محيط».

يُفسر ذلك أيضا بتأثيرهما على دورة المياه العميقة يعتبر المحيط المتجمد الشمالي الذي يشغل مساحة تصل إلى 14 مليون كلم2 أصغر المحيطات على الإطلاق، في حين يبدو المحيط المتجمد الجنوبي أكبر إذ يشغل 77 مليون كلم2 تتوسط المسافة بين المحيط الأطلسي والمحيط الهندي. مقارنة بهذين المحيطين، يُعد المحيط المتجمد الشمالي الأقل عدائية. يتصل هذا المحيط بالمحيط الأطلسي من خلال عتبة يصل عمقها إلى 500 متر تمتد من شرق غرينلاند إلى شمال النروج، ويتلقى مياها مالحة (تصل نسبة ملوحتها إلى 35 في الألف) وقليلة البرودة (تراوح درجة حرارتها بين 2 و 9 درجات مئوية) مقارنة بدرجات الحرارة السائدة فى خطوط العرض العليا هذه (التي تصل حتى إلى – 30 درجة في القطب الشمالي شتاءً)، وهذا سبب دوام وجود صفيحة جليدية ضخمة من مياه البحر، يصل متوسط سماكتها إلى 3 أمتار. يحيط به شتاءً جليد بحري يمتد حتى السواحل ولا يترك المجال إلا أمام جزء بسيط من المحيط المتجمد الشمالي (بحر بارنتس) للظهور، وهكذا يمكن الدب الأبيض أن يتنقل فوق المحيط تماما كما يتنقل على اليابسة.

1.4. غنى مياه المحيط المتجمد الشمالي:

على سواحل المحيط المتجمد الشمالي، يمكن أن ترتفع درجات الحرارة شتاء 10 درجات. تنفصل آلاف الجبال الجليدية عن الأنهار الجليدية عن المجالد القارية، ما يمهد حركة الملاحة. يغامر الصيادون كذلك بالاصطياد في هذه المياه لكونها مليئة بالأسماك في الواقع، يمتد الرصيف (الجرف القاري على 37% من الأعماق من ألاسكا حتى سبيتزبرغ. لا يبلغ متوسط العمق إلا 50 مترا حتى 600 إلى 700 كلم بعيدا من السواحل. تنمو على هذا الجرف عوالق تجذب الرخويات، القشريات وغير ذلك من الكائنات التي تشكل بدورها غذاء لعدد من الأسماك المهمة اقتصاديا (سمك القد، الهف، البلايس (المربع)، الهلبوت، الحفش…).

2.4. المياه الباردة المالحة:

يخشى الملاحون كثيراً مياه المحيط المتجمد الجنوبي فيتحدثون عن الأربعينيات المزمجرة والخمسينيات الغاضبة والستينيات الهادرة (نسبة لخطوط العرض) بفعل قوة رياح هذا المحيط العاتية التي تراوح سرعتها بين 180 و 360 كلم / الساعة قرب السواحل تراوح حرارة السطح بين 0 ودرجتين شتاء، في حين أنها تصل إلى – 60 درجة في هذا الفصل عينه فوق اليابسة. في الصيف، تنخفض نسبة الملوحة بسبب ذوبان الجليد، إلا أنها ترتفع في الشتاء لتصل إلى 34.5 في الألف، وبهذا تصبح المياه أكثر كثافة وتغوص على طول السواحل تغذي مياه المحيط المتجمد الجنوبي الناتجة من ذوبان الجليد دورة المياه العميقة في العالم أجمع.

في المقابل، تتصاعد المياه العميقة على مقربة من السواحل في خلال فصل الصيف وغالباً ما تكون غنية بالأملاح المغذية فتحسن من نمو العوالق النباتية التي تعد بدورها أساس سلسلة غذائية واسعة. تتغذى الأسماك وطيور الطرسوح الشبيهة بالبطريق) وحتى الحيتان على الكريل الذي يضم عددا كبيرا من القريدس الصغير. ولكن بسبب البرد، فإن أنواعا عديدة من الكائنات لا تقيم في هذه المياه إلا صيفا لتتغذى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *